فصل: مطلب في نزول المائدة وما قاله عيسى عليه السّلام لطالبيها وما أجاب به ربه عند سؤاله عما عزى إليه قومه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.مطلب في نزول المائدة وما قاله عيسى عليه السّلام لطالبيها وما أجاب به ربه عند سؤاله عما عزى إليه قومه:

وعند ذلك {قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيدًا} نتخذه من عوائد برك وإحسانك وجودك وكرمك خاصّا {لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا} ممن يأتي بعدنا عاما {وَآيَةً مِنْكَ} لنا دالة على كمال عظمتك وبالغ قدرتك وتصديقا لنبيك {وَارْزُقْنا} هذه المائدة وألهمنا الشكر عليها {وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114)} لأنك ترزق بغير حساب وتعطي بغير مسألة، فاستجاب اللّه تعالى له حالا بدلالة عدم وجود العطف على دعائه، بما يدل على عدم التراخي، إذ {قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ} قالوا نزلت يوم الأحد، واتخذه النّصارى عيدا بدل السّبت من ذلك اليوم {فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ} إنزال هذه المائدة ومشاهدتها والأكل منها {مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعالَمِينَ (115)} قبلكم ولا بعدكم لأنه آية حسيّة ملموسة لا يمكن أن يقال إنها سحر أو غيره، ولأنها وقعت عن اقتراح، وقد جرت عادة اللّه بتعذيب المقترحين إذا لم يؤمنوا تعذيب استئصال، قالوا فجحدها جماعة من بني إسرائيل وكفروا بها فمسخوا خنازير، خزيا لهم وهوانا، وهو عذابهم الدّنيوي والعذاب الأخروي مخبوء لهم، وهو أشد وأفظع خزيا ومهانة، فكانت وبالا على المنكرين، وفاز من صدق بصحبة نبيه، ونجا مما حل بهم.
ولا وجه لقول من قال إن المائدة لم تنزل، لأن اللّه تعالى قال: {إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ} أي إن أردتم لأن قول اللّه هذا من قبيل الوعد وهو لا يخلف الميعاد، والذي ينكر هذه ينكر نتق الجبل على بني إسرائيل أيضا، لأنه كان معلقا على قبولهم الأخذ بالتوراة أخرج الترمذي عن عمار بن ياسر قال: قال صلّى اللّه عليه وسلم أنزلت المائدة من السّماء خبزا ولحما، وأمروا ألّا يخونوا ولا يدخروا، ولقد خانوا وادخروا ورفعوا للغد، فمسخوا قردة وخنازير.
وقال عبد اللّه بن عمر: إن أشد النّاس عذابا يوم القيامة المنافقون، ومن كفر من أصحاب المائدة، وآل فرعون أي لقوله تعالى: {إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} الآية 140 من النّساء المارة، وقوله في آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا} الآية 47 من سورة المؤمن ج 2، ولقوله في أصحاب المائدة {عَذابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعالَمِينَ} الآية المارة، قال ابن عباس نزلت سفرة حمراء بين غمامتين غمامة من فوقها وغمامة من تحتها وهم ينظرون إليها وهي تهوي إليهم منقضة حتى سقطت بين أيديهم، فلما رأوها لا تشبه موائدهم قال شمعون أكبر الحواريين أمن طعام الدّنيا يا روح اللّه؟ قال لا من طعام الدّنيا ولا من الجنّة، ولكنه شيء اخترعه اللّه لكم، فكارا مما سألتم واشكروا اللّه يزدكم، قالوا كن أول من يأكل، قال إنما يأكلها من سألها، فخافوا أن يأكلوا منها، فدعا إليها أهل الفاقة والمرض، فأكل منها ألف وثلاثمائة رجل وهي بحالها ثم طارت وهم ينظرون إليها حتى توارت صعودا، قال الكلبي ومقاتل أنزل اللّه سمكة وخمسة أرغف فأكلوا منها ما شاء اللّه، فلما نشروا الخبر ضحك من لم يشهدها وقالوا سحركم، فمن أراد اللّه به خيرا ثبّته، ومن أراد فتنته رجع إلى كفره، فمسخوا، قالوا وليس فيهم صبي ولا امرأة، وبعد ثلاثة أيّام هلكوا، وكذلك كلّ ممسوخ، قالوا والسّبب في تسميتهم حواريين إنهم كانوا قصارين أي صباغين، وان مريم عليها السّلام كانت وضعت عيسى عند رئيسهم ليتعلم منه، وكان عرض له سفر فقال يا عيسى إنك قد تعلمت هذه الصّنعة وهذه ثياب قد علمت عليها بخيط من جنس الذي تصبغ به، وهذه أواني الصّبغ ودتان مختلفة بحسبها فأريد أن تصبغ كلا منها في دنه بمقتضى اللّون المطلوب، وان تفرغ منها قبل قدومي، وتركه وذهب، فقام عيسى فطبخ دنا واحدا بلون واحد ووضع الثياب كلها فيه، وقال كوني بأمر اللّه على ما أريد منك من الألوان مثل ما قال المعلم فقدم معلمه وقال له ماذا عملت بالثياب؟ قال فرغت منها وهي هذه كلها في جب واحد، قال أفسدتها وسببت لي خصومة أهلها، قال عيسى لا، ثم أخرجها فإذا هي كما أراد: الأصفر أصفر، والأحمر أحمر، والأخضر أخضر، والأسود أسود، فتعجب المعلم من ذلك وعلم أن هذا من اللّه، فآمن به هو وأصحابه وأظهروا معجزته للناس.
وقيل سموا حواريين لصفاء قلوبهم.
واذكر يا محمد لقومك أيضا {وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}
فبادره عيسى بكلمة التبري {قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ} قولا {ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} أن أقوله وكيف يكون ذلك مني وأنا عبد محتاج لا أستحق العبودية، ولا حاجة لتقديم المعذرة في مثل هذا اليوم العظيم، لأن المقام مقام تواضع وخشوع إلى جلالك وإني {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ} كما قيل عني {فَقَدْ عَلِمْتَهُ} يا رب وهذا جواب على غاية من الأدب ونهاية من الاحترام وبعيد في المسكنة، إذ فوض الأمر المسئول عنه إلى ربه لعلمه أنه عالم به في الأزل وعالم بما قاله وعمله منذ خلقه إلى يوم سؤاله فما بعد ذلك، ولهذا قال: {تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ} لأنك تعلم حقيقة أمري ولا أعلم حقيقة أمرك، وهذا من الفصاحة بمكان لأنه وقع على طريقة المشاكلة والمطابقة، ثم أكد قوله هذا بقوله: {إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116)} مما كان وسيكون من مبدأ الكون إلى نهايته وما بعد ذلك إلى الآخرة وما يكون فيها.
وبعد أن مهّد جوابه هذا إلى ربه واستأنس من جبروته بما وفق إليه من الجواب قال يا رب وعزتك {ما قُلْتُ لَهُمْ} شيئا من نفسي {إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ} من الوحي الذي شرفتني به وهو {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} لا تشركوا به غيره {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ما دُمْتُ فِيهِمْ} مقيما أراقبهم على أعمالهم وأقوالهم وأنصحهم وأرشدهم لتوحيدك والإصلاح بين النّاس {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} بانقضاء أجلي في الدّنيا أولا ورفعي إلى السماء إذ نجيتني من كيد اليهود {كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} من بعدي كما كنت رقيبا علي وعليهم وعلى الخلق أجمع من قبل {وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117)} في الدّنيا والآخرة لا يغيب عنك عمل عامل من خلقك ولا شيء من أمرهم الآن وفيما مضى ويأتي، ثم لما أطلعه على ما وقع منهم من المخالفات لتعاليمه أحجم عن الدّفاع عنهم وقال متضرعا يا رب قد وقع منهم ذلك وأنت أولى بهم من {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ} على ما صدر منهم وهم مستحقون العذاب {فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ} وقد جحدوا آياتك وكذبوا رسلك وافتروا عليك وعلي وأنت الحكم المقسط بمن يكفر بعد ظهور دلائل الإيمان له ووجود الحجة عليه بعد ظهور المحجة، وهم الآن معترفون بما وقع منهم إذ لا يقدرون على دفع ما تنزله فيهم من العذاب ولا رفع ما وجب عليهم من العقاب كما كانوا عاجزين قبل بل هم الآن أعجز {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ} كفرهم وتطاولهم وبهتهم ومخالفتهم فبفضل جودك ولطف رحمتك وعطفك على عبادك، وأنت الذي لا تسأل عما تفعل ولك تعذيب الطائع وتنعيم العاصي وما هذا عليك بعزيز {فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ} الذي لا عزيز غيرك الغالب الذي لا يفلت أحد مما تريده به {الْحَكِيمُ (118)} بأفعاله بعباده.
واعلم أن هذا القول من اللّه تعالى إلى عيسى يوم القيامة بدليل قوله: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ} الآية الآنفة وبدليل سياق الآية نفسها لأنها بلفظ الاستفهام الإنكاري تقريعا لمن ادعى ذلك في عيسى وألصق به ما هو براء منه وتوبيخا لهم على رءوس الأشهاد، ووجه السّؤال تثبيت الحجة على قومه وتكذيبا لادعائهم بإلهيته وإن من قال بإلهيته قال بإلهية أمه على سبيل التبعية لأنها ولدته وقال بأن اللّه ثالث ثلاثة أيضا، ولا يقال بعدم لياقة طلب المغفرة من عيسى عليه السّلام لقوم كافرين، لأن قوله ذلك ليس على طريق المغفرة ولو كان لقال: {إنك أنت الغفور الرّحيم} لأن هاتين الصّفتين لائقتان بهما ولكنه قال ذلك على طريق تسليم الأمر للّه وتفويضه لمراده، ولهذا قال: {فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} إذ يجوز في الحكمة عدم تعذيب الكافر، ومما يرد قول القائل إن هذا السّؤال وقع من عيسى عليه السّلام عند رفعه إلى السّماء قوله تعالى: {قالَ اللَّهُ هذا} اليوم الذي وقع فيه هذا القول، لأن الإشارة تكون لأقرب مذكور، ولم يأت ذكر لرفعه هنا البتة، فمن جوّز إعادة الضّمير إليه أي أعاد اسم الإشارة إلى يوم الرّفع نصب كلمة {يَوْمُ} وأراد أن هذا القول من اللّه إلى عيسى يوم رفعه وليس بشيء لمنافاته السّياق والسّباق ولإجماع القرّاء على رفع كلمة يوم، أي يوم القيامة يوم سؤال الخلق عما كان منهم، بدليل قوله جل قوله: {يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} الواقع منهم في الدّنيا فإنه ينفعهم في هذا اليوم يوم الآخرة إذ لا يكون النّفع الحقيقي إلّا فيه، لأنه هو يوم الجزاء.
أما احتجاج القائل بأن هذا كان عند الرّفع مستدلا بقوله تعالى: {إِذْ} بصدر الآية لأنها للماضي ولم يعلم أنها تأتي بمعنى «إذا» فتكون للمستقبل، قال تعالى: {وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} الآية 51 من سورة سبأ في ج 2، وهذا الفزع الذي لا فوت منه إنما يقع يوم القيامة، قال الرّاجز:
ثم جزاك اللّه عني إذ جزى ** جنّات عدن في السّموات العلى

أي إذا جزى، ولا يكون هذا الجزاء إلّا يوم القيامة، ومما يرد هذا القول ويؤيد ما مشينا عليه قوله تعالى: {لَهُمْ} أي الصّادقين في ذلك اليوم {جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَدًا} ولا يكون هذا الخلود في تلك الجنّات إلّا في الآخرة {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} أي أهل الجنّات بطاعتهم له في الدّنيا {وَرَضُوا عَنْهُ} بما من عليهم وأعطاهم من عظيم ثواب وجزيل كرامة في الآخرة {ذلِكَ} الأجر الجزيل والخير الكثير هو {الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)} الذي ما فوقه فوز ونجاح كبير ما فوقه نجاح {لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ} من مخلوقات يتصرف فيهم كيف يشاء ويريد كما يتصرف فيهما مثل ما يريد ويختار، وهو المستحق للعبادة وحده، وأن عيسى وأمه ومن في الأرض والسّموات وما بينهما جميعا عبيد خاضعون لعظمته، منقادون لقهره، {وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)} لأن جميع المكونات النّامية والجامدة تحت قدرته، وله أن يدخل من يشاء في رحمته ويوصل من يشاء إلى ملكوته، ويقطع من يشاء عن ملكه.
ويمنع من يشاء من عطفه، وأن عيسى وغيره من جملة عباده الداخلين تحت قدرته إذ لا شيء في الكون علويه وسفليه إلّا وهو في قبضته سبحانه هو الواحد القهار، قال قتادة، متكلمان لا يخطئان يوم القيامة عيسى عليه السّلام لأنه يقوم فيقول ما قصّ اللّه عنه في هذه الآيات فكان صادقا في الدّنيا والآخرة فينفعه اللّه بصدقه، وأما المتكلم الآخر فهو إبليس عليه اللّعنة فإنه يقوم فيقول ما ذكر اللّه عنه في الآية 33 من سورة إبراهيم عليه السّلام المارة في ج 2 التي أولها {وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ} إلخ فقد صدق عدو اللّه بما قال، ولكن لم ينفعه صدقه.
روى مسلم عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص أن النّبي صلّى اللّه عليه وسلم تلا قوله عز وجل في إبراهيم عليه السّلام ما ذكر اللّه عنه في قوله: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} الآية 36 من سورته في ج 2 وقول عيسى عليه السّلام {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ} إلخ الآيتين المارتين أعلاه، وقال اللّهم أمّتي أمّتي، وبكى، فقال اللّه تعالى يا جبريل اذهب إلى محمد {وربك أعلم} فسأله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل فسأله، فأخبره صلّى اللّه عليه وسلم بما قال وهو أعلم فقال اللّه يا جبريل اذهب إلى محمد فقل له إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك فيهم.
وعن أبي ذر رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قام حتى أصبح بآية {إن تعذبهم فإنهم عبادك} إلخ، أخرجه النّسائي أي أنه عليه السّلام قام يصلي اللّيل كله يقرأ في صلاته هذه الآية وما ذاك إلّا لشدة حرصه على نجاة أمته صلّى اللّه عليه وسلم الّذين سيباهي بهم الأمم يوم القيامة، والذي تحمل مشاقا عظيمة في سبيل هدايتهم لسلوك الحق الذي يوصلهم إلى رحمته ورضاه، ولهذا فإنه حينما أرسل له الملك (على أثر ما عملوا به عند ذهابه لثقيف كما ذكره قبل) واستأذنه بأن يطيق عليهم الأخشبين قال لا يا رب بل اهد قومي فإنهم لا يعلمون، وإني لأرجو أن تخرج من أصلابهم من يتولى بيتك.
وكان ذلك والحمد للّه بتوفيقه جل توفيقه.
هذا، واللّه أعلم، واستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلّا باللّه العلي العظيم، وصلّى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه أجمعين، وسلم تسليما كثيرا، والحمد للّه رب العالمين. اهـ.

.فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

.قال زكريا الأنصاري:

سورة المائدة مدنية.
{أوفوا بالعقود} تام.
{وأنتم حرم} كاف.
{ما يريد} تام.
{ورضوانا} مفهوم.
{فاصطادوا} حسن وكذا {أن تعتدوا} وقال أبو عمرو في الأربعة كاف.
{والعدوان} كاف وكذا {واتقوا الله}.
{العقاب} تام.
{بالأزلام} صالح.
{ذلكم فسق} حسن وكذا {واخشون} وقال أبو عمرو في الأول تام وفي الثاني كاف.
{دينا} كاف.
{رحيم} تام.
{ماذا أحل لهم} صالح وكذا {مكلبين} و{مما علمكم الله} وقال أبو عمرو فيهما كاف.
{اسم الله عليه} كاف وكذا {واتقوا الله}.
{الحساب} تام.
{أحل لكم الطيبات} كاف وكذا {وطعامكم حل لهم} هذا إن جعل قوله: {والمحصنات} مستأنفان معطوفا {على الطيبات} لم يوقف عليهما إلا بتجوز.
{أخدان} كاف.
{فقد حبطه عمله} جائز.
{من الخاسرين} تام.
{وامسحوا برؤسكم} صالح لمن قرأ {وأرجلكم} بالنصب ليعلم أنه عطف على الوجوه والأيدي لا على الرءوس.
{إلى الكعبين} مفهوم.
{فاطهروا} كاف.
{وأيديكم منه} حسن وكذا {تشكرون} وقال أبو عمرو في الأول كاف.
{وأطعنا} كاف وكذا {واتقوا الله}.
{الصدور} تام.
{بالقسط} صالح.
{ألا تعدلوا} كاف وكذا {للتقوى}، {واتقوا الله}.
{بما تعملون} تام وكذا {وعملوا الصالحات}، {وأجر عظيم}، و{الجحيم}.
{فكف أيديهم عنكم} كاف وكذا {واتقوا الله}.
{المؤمنين} حسن.
{نقيبا} صالح وقال أبو عمرو في الأول تام وفي الثاني كاف.
{أني معكم} تام.
{من تحتها الأنهار} كاف وكذا {سواء السبيل} وقال أبو عمرو في الثاني تام.
{قلوبهم قاسية} صالح وكذا {مواضعه}.
{ذكروا به} كاف وكذا {إلا قليلا منهم} وكذا {واصفح} و{يحب المحسنين} و{إلى يوم القيامة}.
{بما كانوا يصنعون} تام.
{ويعفو عن كثير} صالح وقال أبو عمرو تام وقيل كاف وهو رأس آية عند البصريين.
{وكتاب مبين} كاف وكذا {سبل السلام} و{بإذنه}.
{مستقيم} تام.
{ابن مريم} كاف.
{جميعا} تام.
{يخلق ما يشاء} كاف.
{قدير} تام.
{وأحباؤه} حسن.
{بذنوبكم} كاف وكذا {بشر ممن خلق}.
{ويعذب من يشاء} تام.
{وما بينهما} كاف.
{وإليه المصير} تام.
{ولا نذير} صالح.
{بشير ونذير} كاف.
{قدير} حسن وقال أبو عمرو تام.
{وجعلكم ملوكا} صالح وقال أبو عمرو وقال أبو عمرو تام.
{من العالمين} حسن.
{كتب الله لكم} كاف وكذا {خاسرين}.
{جبارين} صالح وكذا {حتى يخرجوا منها}.
{داخلون} حسن وقال أبو عمرو في هذين كاف.
{عليهم الباب} كاف وكذا {غالبون} وهو رأس آية عند البصريين.
{مؤمنين} حسن وقال أبو عمرو كاف.
{ما داموا فيها} صالح.
{قاعدون} حسن.
{لا أملك إلا نفسي} تام عند بعضهم إن قدر {وأخي} مبتدأ خبره محذوف أي وأخي كذلك أي لا يملك إلا نفسه والأكثر الوقف على {وأخي} وهو كاف وهو على هذا عطف على {نفسي} أو على الضمير في {أملك} أنا وأخي إلا أنفسنا أو على اسم إن أي أني وأحي الفاسقين حسن وفي قوله: {فإنها محرّمة عليهم أربعين سنة} وجهان أحدهما أن أربعين منصوب بمحرمة فالوقف على سنة ويبتدأ بيتيهون في ارض والثاني أنه منصوب بيتيهون فالوقف على محرمة عليهم ويبتدأ بأربعين سنة والوقف على كل من القولين كاف.
{يتيهون في الأرض} كاف.
{الفاسقين} تام.
{من الآخر} صالح.
{لأقتلنك} كاف وقال أبو عمرو تام.
{من المتقين} حسن.
{رب العالمين} كاف وكذا {من أصحاب النار} و{الظالمين} و{من الخاسرين} و{سوأة أخيه} وقال أبو عمرو في الكل تام.
{سواة أخي} صالح.
{من النادمين} تام بناء على المشهور من جعل من أجل ذلك متعلقا بكتبنا فأن علق بما قبله فالوقف عليه أي فأصبح نادما من أجل قتله أخاه.
{قتل الناس جميعا} كاف.
{أحيا الناس جميعا} حسن وكذا {المسرفون} وقال أبو عمرو فيهما تام.
{من الأرض} كاف وكذا {في الدنيا} و{عذاب عظيم} وقيل لا يوقف على عظيم لأن الابتداء بحرف الاستثناء لا يحسن إلا عند الضرورة.
{من قبل أن تقدروا عليهم} جائز وقال أبو عمرو كاف.
{رحيم} تام.
{الوسيلة} مفهوم.
{تفلحون} تام.
{ما تقبل منهم} صالح وقال أبو عمرو كاف.
{أليم} حسن.
{منها} كاف.
{مقيم} حسن وقال أبو عمرو تام.
{نكالا من الله} كاف وكذا {حكيم} و{يتوب عليه}.
{رحيم} حسن وقال أبو عمرو تام.
{لمن يشاء} كاف.
{قدير} تام.
{قلوبهم} حسن وقال أبو عمرو كاف هذا إن جعل {سماعون} مبتدأ وما قبله خبره أي ومن الذين هادوا قوم سماعون فإن جعل خبر المبتدأ محذوف لم يوقف على {قلوبهم} بل على {ومن الذين هادوا} عطفا {ومن الذين قالوا} والوقف عليه حينئذ تام.
{سماعون للكذب} صالح وقال أبو عمرو كاف ويبتدأ بما بعده أي هم سماعون.
{لقوم آخرين لم يأتوك} تام.
{من بعد مواضعه} مفهوم وقال أبو عمرو فيهما كاف.
{فاحذروا} كاف وكذا {من الله شيئا} و{أن يطهر قلوبهم}.
{خزي} صالح.
{عظيم} حسن وقال أبو عمرو فيهما كاف.
{أكالون للسحت} كاف وكذا {أو أعرض عنهم}.
{فلن يضروك شيئا} صالح.
{بالقسط} كاف.
{المقسطين} حسن وقال أبو عمرو كاف.
{من بعد ذلك} كاف.
{بالمؤمنين} تام.
{هدى ونور} مفهوم عليه.
{شهداء} كاف.
{واخشوني} جائز وقال أبو عمرو كاف.
{ثمنا قليلا} كاف.
{الكافرون} حسن وقال أبو عمرو كاف.
{بالنفس} حسن وقال أبو عمرو كاف وهذا على قراءة من رفع ما بعده.
{بالسن} حسن على قراءة من رفع {والجروح قصاص} كاف مطلقا.
{فهو كفارة له} حسن وكذا {الظالمون} وقال أبو عمرو فيه تام.
{من التوراة} كاف.
{للمتقين}، {بما أنزل الله فيه} كاف.
{الفاسقون} تام.
{ومهيمنا عليه} صالح.
{من الحق} كاف وكذا {ومنهاجا} و{فيما آتاكم}.
{فاستبقوا الخيرات} حسن وقال أبو عمرو كاف.
{فيه تختلفون} مفهوم.
{ما أنزل الله إليك} كاف وكذا {ببعض ذنوبهم}.
{لفاسقون} حسن وكذا {يبغون}.
{يوقنون} تام وكذا {النصارى أولياء} و{بعضهم أولياء بعض} وقال أبو عمرو فيهما كاف.
{فإنه منهم} كاف وكذا {الظالمين} و{دائرة}.
{نادمين} حسن وقال أبو عمرو كاف هذا إن قرئ بالرفع مع الواو وبدونها فإن قرئ بالنصب عطفا على يأتي لم يحسن الوقف على {نادمين} لكنه صالح لأنه رأس آية ولأن الكلام طال.
{إنهم لمعكم} صالح.
{خاسرين} تام.
{الكافرين} وكذا {لومة لائم} وقال أبو عمرو فيهما كاف.
{من يشاء} كاف.
{عليم} تام.
{راكعون} حسن وقال أبو عمرو تام.
{هم الغالبون} تام.
{والكفار أولياء} كاف.
{مؤمنين} حسن.
{لا يعقلون} تام.
{فاسقون}، {مثوبة عند الله} كاف إن جعل ما بعده مرفوعا خبر مبتدأ محذوف وليس بوقف إن جعل ذلك مجرورا تبعا بتقدير {بشر من ذلك من لعنه الله}.
{والخنازير} كاف إن قرئ {وعبد الطاغوت} فعلا عطفا على {لعنه الله} وليس بوقف إن قرئ {وعبد الطاغوت} بإضافة عبد إلى الطاغوت لأنه معطوف على الخنازير فلا يفصل بينهما.
{وعبد الطاغوت} حسن.
{سواء السبيل} كاف وكذا {خرجوا به} و{يكتمون}.
{وأكلهم السحت} صالح.
{يعملون} حسن.
{السحت} صالح.
{يصنعون} تام.
{مغلولة} مفهوم وكذا {غلت أيديهم}.
{بما قالوا} صالح.
{كيف يشاء} كاف.
{طغيانا وكفرا} صالح.
{يوم القيامة} كاف وكذا {فسادا}.
{المفسدين} حسن.
{النعيم} كاف.
{أرجلهم} حسن.
{مقتصدة} صالح.
{يعملون}، {من ربك} صالح.
{رسالته} كاف وكذا {من الناس}.
{الكافرين} تام.
{من ربكم} كاف.
{وكفرا} صالح.
{الكافرين} تام.
{ولا هم يحزنون} حسن.
{رسلا} كاف.
{بما لا تهوى أنفسهم} ليس بوقف لأن ما بعده جواب كلما جاءهم رسول كذبوه أو قتلوه أي كذبوا فريقا.
{وفريقا تقتلون} حسن.
{كثير منهم} كاف.
{بما يعملون} تام.
{المسيح ابن مريم} صالح.
{وربكم} كاف وكذا {النار}.
{من أنصار} تام.
{ثالث ثلاثة} صالح.
{إله واحد} كاف.
{أليم} حسن.
{ويستغفرونه} كاف.
{رحيم} تام.
{الطعام} حسن وقال أبو عمرو كاف.
{يؤفكون} حسن وقال أبو عمرو تام.
{ولا نفعا} كاف.
{العليم} تام.
{غير الحق} كاف.
{سواء السبيل} تام.
{وعيسى ابن مريم} كاف.
{يعتدون} حسن وقال أبو عمرو تام.
{فعلوه} كاف.
{يفعلون} حسن وقال أبو عمرو تام.
{الذين كفروا} صالح.
{خالدون} كاف.
{فاسقون} تام.
{والذين أشركوا} صالح.
{نصارى} كاف.
{لا يستكبرون} حسن وكذا {مع الشاهدين} وقال أبو عمرو فيهما تام فإن وقف على {من الحق} فصالح.
{الصالحين} كاف.
{خالدين فيها} صالح.
{المحسنين} حسن.
{الجحيم} تام.
{ولا تعتدوا} كاف.
{المعتدين} حسن.
{طيبا} كاف.
{مؤمنون} تام.
{الأيمان} صالح وكذا {تحرير رقبة}.
{ثلاثة أيام} كاف.
{إذا حلفتم} صالح.
{واحفظوا أيمانكم} كاف.
{تشكرون} تام.
{الشيطان} مفهوم.
{تفلحون} حسن.
{وعن الصلاة} مفهوم.
{منتهون} حسن.
{واحذروا} كاف.
{المبين} حسن وقال أبو عمرو تام.
{وأحسنوا} كاف.
{المحسنين} تام.
{بالغيب} كاف.
{أليم}.
{وأنتم حرم} كاف.
{وبال أمره} صالح.
{عما سلف} حسن.
{فينتقم الله منه} كاف.
{ذو انتقام} تام.
{وطعامه} كاف.
{وللسيارة} حسن.
{حرما} كاف.
{تحشرون} تام.
{والقلائد} كاف.
{بكل شيء عليم} وكذا {غفور رحيم}.
{البلاغ}.
{تكتمون} حسن وقال أبو عمرو: تام.
{كثرة الخبيث} كاف.
{تفلحون} تام.
{تسؤكم} مفهوم.
{لا يعقلون} حسن وقال أبو عمرو تام.
{آباءنا} حسن.
{لا يهتدون} تام.
{عليكم أنفسكم} صالح.
{إذا اهتديتم} حسن.
{تعملون} تام.
{مصيبة الموت} صالح.
{شهادة الله} زعموا أنه وقف ولا أحبه إذ لا يحسن الابتداء بما بعده.
{الآثمين} صالح.
{الأوليان} كاف وكذا {فيقسمان} ويبتدأ بما بعده بتقدير يقولان {بالله لشهادتنا} والأجود تعلق بالله بيقسمان.
{الظالمين} حسن.
{بعد أيمانهم} كاف وكذا {واسمعوا} و{الفاسقين} وقال أبو عمرو تام.
{يوم} منصوب باتقوا.
{لا علم لنا} وقال أبو عمرو كاف.
{علام الغيوب} تام.
{وكهلا} صالح وكذا {والإنجيل}.
{بإذني} في الموضع الثلاثة مفهوم وكذا {بالبينات}.
{مبين} صالح وكذا {بأننا مسلمون} وقال أبو عمرو فيهما تام.
{من السماء} كاف وكذا {مؤمنين}.
{من الشاهدين} حسن وقال أبو عمرو تام.
{وآية منك} صالح وكلام أبي عمرو يقتضي أنه كاف.
{الرازقين} حسن وكذا {من العالمين} وقال أبو عمرو فيهما كاف.
{من دون الله} كاف وكذا {بحق}.
{فقد علمته} حسن.
{ما في نفسك} صالح.
{الغيوب} تام.
{وربكم} صالح.
{فيهم} كاف وكذا {عليهم شهيدا} تام.
{عبادك} صالح.
{الحكيم} تام.
{صدقهم} كاف.
{أبدا} صالح.
{ورضوا عنه} مفهوم.
{العظيم} تام.
{وما فيهن} كاف.
آخر السورة تام. اهـ.